اخر اخبارالموقع
أحدث المواضيع

ابحث فى الموقع

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

استحباب إختيار أفضل الأسماء

اسم الشخص هو الرمز اللفظي الدال عليه، وقد يعطي الاسم نوعاً من التأثير أو الانطباع الحسن أو السيئ عن الشخص المتسمي به كما تدل بعض الإشارات قديماً وحديثا، ولذا
كانت العناية باختيار الاسم منبعثة من أهميته، فهو يلازم الإنسان حيّاً وميتا، ويظل أيضاً متسمياً به حتى في عالمه الآخر.[1]
ولذا كان العرب قديماً قبل الإسلام يسمّون أبناءهم بأسماء فيها رهبة وقوة مثل جبل وفهد وأسد ونمر وكلاب لأنّهم كانوا أصحاب حرب، فأرادوا أن يهوِّلوا على أعدائهم بأسماء أولادهم.
فلما جاء الإسلام نبه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم- وسلم لتلك القيمة الرمزية للاسم، فحث على اختيار الأسماء الحسنة، واقترح أمثلة عليها، ولم تعجبه أسماء أخرى، فأنكرها أو أمر بتغييرها.[2]
ولو نظرنا اليوم نلاحظ أنّ كثيراً من التسميات تنطلق من الإعجاب بمن يحملون تلك الأسماء، فقد يعجب المرء برئيس أو زعيم أو عالم كبير أو رجل مشهور، أوإمراة مشهورة فيسمّي ولده باسمه أو باسمها
وقد يعجب الرجل ببعض الفسقة او الظالمين أو الفسدة فيسمى أولاده بأسمائهم ،وقد يتمّ هذا من دون ملاحظة الآثار السلبيّة لهذه التسمية.
فتسمية الطفل باسم هؤلاء  قد يلعب دوراً في جعل ذلك الفاسد أو الفاسق  قدوة للطفل في حياته فيتأثّر به حينما يكبر، وتسميته باسم زعيم ظالم قد يؤثّر في نظرة الولد للظّلم.
وقد ينطلق بعض الآباء، في تسمية أبنائهم بأسماء أجنبيّة غير عربية، من الانشداد إلى صورة اللفظ الأجنبي من دون الالتفات إلى ما قد يؤثِّر في الولد من ناحية تعلّقه بتلك المجتمعات، وحبّ الانفصال عن المجتمع الإسلاميّ.
وقد يختار الوالدان بعض الأسماء التي تحمل مضامين سيّئة كـ"ظالم" و"إغواء" ونحوهما من دون ملاحظة سلبيّة ذلك.
فإذا تم ذلك أوجب الأسلام تغيره  كما فعل رسول الله صلى الله عليه وثبت عنه فيما أشرت إليه أنفا .
الاسم معنى وقدوة:
قال ابن القيم رحمه الله : لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها؛ فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة
. كَمَا قِيلَ :
وَقَلَّمَا أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ ذَا لَقَبٍ * إِلَّا وَمَعْنَاهُ إِنْ فَكَّرْتَ فِي لَقَبِهْ "[3]أ.هـ
قلت ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وقد طلع سهيل بن عمر: «قد سهل لكم من أمركم فكان كما قال صلى الله عليه وسلم »
ولما دعى الإسلام إلى تسمية الأولاد ،نبه إلى الأخذ بالإعتبار أحد أمرين:
الأوّل: المضمون والمعنى: كما أشار ابن القيم الجوزية رحمه الله فى النقل السابق ،فدعا إلى التسمية بالأسماء التي تحمل معنى العبوديّة كـ "عبد الله". من حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.[4]
 عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ ، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ )[5][6] صححه الألباني في صحيح أبي داود
قال الحافظ بن حجر رحمه الله فى الفتح:
أخرجه أبو داود والنسائي والمصنف في " الأدب المفرد " من حديث أبي وهب الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة رفعه تسموا بأسماء الأنبياء ، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام ، وأقبحها حرب ومرة قال بعضهم : أما الأولان فلما تقدم في " باب أحب الأسماء إلى الله " وأما الآخران فلأن العبد في حرث الدنيا أو حرث الآخرة ولأنه لا يزال يهم بالشيء بعد الشيء ، وأما الأخيران فلما في الحرب من المكاره ولما في مرة من المرارة .أ.هـ[7]
 قال المناوي - رحمه الله تعالى -:
"أحب الأسماء" وفي رواية لمسلم "إن أحب أسمائكم"، ومنه يعلم أن المراد أسماء الآدميين، "إلى الله"؛ أي: أحب ما يسمى به العبد إليه، "عبدالله وعبدالرحمن"؛ لأنه لم يقع في القرآن عبد إلى اسم من أسمائه تعالى غيرهما، ولأنهما أصول الأسماء الحسنى من حيث المعنى؛ فكان كل منهما يشتمل على الكل، ولأنهما لم يسمِّ اللهَ بهما أحدٌ غيره.. وذكر المصنف أن اسم عبدالله أشرف من عبدالرحمن، فإنه تعالى ذكر الأول في حق الأنبياء والثاني في حق المؤمنين، وأن التسمي بعبدالرحمن في حق الأمة أولى انتهى، وما ذكره لا يصفو عن كدر؛ فقد قال بعض العلماء الشافعية: التسمي بعبدالله أفضل مطلقا؛ لأن البداءة به هنا؛ فتقديمه على غيره يؤذن بمزيد الاهتمام، وذهب إلى ذلك صاحب المطامح من المالكية؛ فجزم بأن عبدالله أفضل، وعلله بأن اسم الله هو قطب الأسماء، وهو العلم الذي يرجع إليه جميع الأسماء ولا يرجع هو إلى شيء، فلا اشتراك في التسمية به البتة، والرحمة قد يتصف بها الخلق؛ فعبدالله أخص في النسبة من عبدالرحمن؛ فالتسمي به أفضل وأحب إلى الله مطلقا، وزعم بعضهم أن هذه أحبية مخصوصة؛ لأنهم كانوا يسمون عبد الدار وعبد العزى؛ فكأنه قيل لهم أحب الأسماء المضافة إلى العبودية هذان لا مطلقا؛ لأن أحبها إليه محمد وأحمد إذ لا يختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - إلا الأفضل، رد بأن المفضول قد يؤثر لحكمة، وهي هنا الإيماء إلى حيازته مقام الحمد، وموافقته للحميد من أسمائه تعالى، على أن من أسمائه أيضا عبدالله كما في سورة الجن، وإنما سمى ابنه إبراهيم لبيان جواز التسمي بأسماء الأنبياء، وإحياء لاسم أبيه إبراهيم ومحبة فيه، وطلبا لاستعمال اسمه، وتكرره على لسانه، وإعلانا لشرف الخليل، وتذكيرا للأمة بمقامه الجليل، ولذلك ذهب بعضهم إلى أن أفضل الأسماء بعد ذينك إبراهيم؛ لكن قال ابن سبع: أفضلها بعدهما محمد وأحمد ثم إبراهيم[8]أ.هـ.
وقال النووي - رحمه الله تعالى -:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحب الأسماء إلى الله تعالى عبدالله وعبدالرحمن" ليس بمانع من التسمية بغيرهما[9].
قال الحطاب: قال الباجي: من أفضلها ذو العبودية لحديث: «إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن»، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم بحسن وحسين، وروى العتبي أن أهل مكة يتحدثون ما من بيت فيه اسم محمد إلا رأوا خيرا ورزقوا». (مواهب الجليل للحطاب 3/257، ط. دار الفكر)
الثاني: صلاح حامل الاسم: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وُلِدَ لِيَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ
وقال النووي - رحمه الله تعالى -:
وفيه جواز التسمية بأسماء الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه.أ.هـ[10]
قال المناوي في فيض القدير: وإنما سمى ابنه إبراهيم لبيان جواز التسمي بأسماء الأنبياء[11]. انتهى...
قال العلامة منصور بن يونس البهوتى الحنبلى رحمه الله:
"يحسن التسمية بأسماء الأنبياء،كإبراهيم ونوح ومحمد وصالح وشبهها "[12] أ.هـ
وقال ابن القيم رحمه الله :
" واختلف في كراهة التسمي بأسماء الأنبياء على قولين : أحدهما أنه لا يكره ، وهذا قول الأكثرين وهو الصواب ، والثاني يكره "[13] .
*   روى البخاري رحمه الله بسنده إلى إِسْمَاعِيلُ ابْنُ خَالِدٍ قُلْتُ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَاتَ صَغِيرًا وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ وَلَكِنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ
قال الحافظ بن حجر رحمه الله فى الفتح:
وكأن المؤلف - رحمه الله - لما لم يكونا على شرطه اكتفى بما استنبطه من أحاديث الباب وأشار بذلك إلى الرد على من كره ذلك ، كما تقدم عن عمر أنه أراد أن يغير أسماء أولاد طلحة وكان سماهم بأسماء الأنبياء . وأخرج البخاري أيضا في " الأدب المفرد " في مثل ترجمة هذا الباب حديث يوسف بن عبد الله بن سلام قال " سماني النبي - صلى الله عليه وسلم - يوسف " الحديث وسنده صحيح وأخرجه الترمذي في " الشمائل " وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن المسيب قال : أحب الأسماء إليه أسماء الأنبياء . ثم ذكر فيه أحد عشر حديثا موصولة ومعلقة : الأول حديث أنس .أ.هـ[14]


[1] مقالة بعنوان فوضى الأسماء وجناية الآباء للدكتور. فواز بن عبدالعزيز اللعبون عضو هيئة التدريس
في قسم الأدب بكلية اللغة العربية في جامعة الإمام
[2] المرجع السابق
[3] انظر  "زاد المعاد" (2/ 307) .

[4] رواه الإمام مسلم في صحيحه (2132) أخرجه مسلم في كِتَاب الْآدَابِ، بَاب/ النَّهْيِ عَنِ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ (ح3982) بإسناد "فيه عبد الله بن عمر العدوي وهو ضعيف الحديث"، لكن أخرجه الدارمي في "سننه" (2/204 ح2612) من حديث "مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا عَبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" الحديث بإسناد متصل رجاله ثقات على شرط مسلم. وأخرجه أيضا أبو داود (ح4949)، والترمذي (2/136)، وابن ماجه (ح3828)، وأحمد (2/24)، والحاكم (4/274)، والبغوي (12/333)، والبيهقي (9/306) وغيرهم الجميع من حديث ابن عمر.
[5] حديث حسن أخرجه أبو داود [4950] والنسائي [ 6/218،219] والدولابي في الكنى [1/59] والبخاري في الأدب المفرد 814 وفي الكنى749 وأحمد [4/345] والبيهقي[9/306] من طريق عقيل بن شباب عن أبي وهب الجشمي وكانت له صحبة ... فذكره(الانشراح ص107)
[6] أبو داود (4950)
[7] فتح الباري شرح صحيح البخاري
[8] انظر: "فيض القدير" (ج1 ص218-219).
[9] انظر: "شرح النووي على مسلم" (ج14 ص125-126).
[11] المرجع السابق
[12] "كشاف القناع" (3/26)
[13] " تحفة المودود " (ص 127)
[14] فتح الباري بشرح صحيح البخاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق