اخر اخبارالموقع
أحدث المواضيع

ابحث فى الموقع

الجمعة، 15 يوليو 2016

حكم خروج المرأة من بيتها متعطرة إلى بيت الله أو لحاجتها



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلاما على خير مبعوث للخلق أجمعين وعلى آله وصحبه والتابعين ..وبعد ..
فإن مما أُثِيرَ بعد صلاة العيد مباشرة ، وسألنى أحد الكرام فيها،مسألة حكم خروج
المرأة متطيبة لصلاة العيد ،أولأي صلاة عموما ،أوخروجها إلى السوق ،أوقضاء حوائجها،ومرورها على هذة الحال بالأجانب.
وهذة المسألة من المسائل المهمة التي عمت بها البلوى في هذه الأزمنة،فترأى كثير من النساء كبار وصغار يخرجون فى المحافل والأعياد وهن متعطرات ،ولا يبالون هل تمر إحداهن بالرجال الأجانب ليجدوا ريحها أم لا ،ولا حول ولا قوة إلا بالله .
و بداية أقول إن خروج المرأة متعطرة ،ومرورها بالرجال وهى كذالك، له عند بعض أهل العلم أربع حالات لا يخرج الحديث عنها :.

1_أن تكون قاصدة لذلك وتتعمدة أن تمر بالرجال الأجانب.   

 2_أن يغلب على ظنها أنها ستلقى الرجال الأجانب.   

3_تظن أنها لن تلقي الرجال الأجانب

4_أن تنتقى من الطيب ماليس فيه رائحة أو تتآكد أنها لن تمر بالرجال الأجانب.


الحالة الأولى:  أن تعلم وتتحقق أنها إن خرجت متعطرة مرت بالرجال وافتتنوا بها، فخروجها حينئذ متعطرة ، كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه النسائي فى سننه  فى كتاب الزِّينَةِ - باب مَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ مِنْ الطِّيبِ، أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية ، فقال:
 أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ وَهُوَ ابْنُ عِمَارَةَ عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ [1] .
رواه النسائي وحسنه الألباني، وقال الأرنؤوط: إسناده جيد..
وعندأحمد وأبو داود :(( فَهِيَ كَذَا وَكَذَا قَالَ قَوْلًا شَدِيدًا)) يقصد زانية .
قال المباركفوري رحمه الله :" أي كل عين نظرت إلى أجنبية عن شهوة فهي زانية...
( إذا استعطرت ) أي استعملت العطر ( فمرت بالمجلس ) أي مجلس الرجال ( يعني زانية ) لأنها هيجت شهوة الرجال بعطرها ، وحملتهم على النظر إليها ومن نظر إليها ، فقد زنى بعينيه ، فهي سبب زنى العين فهي آثمة" أ.هـ[2]
وقال العلامة عبد الرؤوف المناوي رحمه الله:
 أي كل عين نظرت إلى محرم من امرأة أو رجل فقد حصل لها حظها من الزنا ؛ إذ هو حظها منه " أ.هـ[3]
 وقال أيضا : يعني كل عين نظرت إلى أجنبية عن شهوة فهي زانية ، أي أكثر العيون لا تنفك من نظر مستحسن وغير محرم ، وذلك زناها "أ.هـ[4] .
وقدوضح الزنا الوارد فى الأثر  إمام الأئمة ابن خزيمة ،فقال عن هذا الحديث: "المتعطرة التي تخرج ليوجد ريحها قد سماها النبي r زانية. وهذا الفعل لا يوجب جلدا ولا رجما. ولو كان التشبيه بكون الاسم على الاسم، لكانت الزانية بالتعطر يجب عليها ما يجب على الزانية بالفرج. ولكن لما كانت العلة الموجبة للحد في الزنا الوطء بالفرج، لم يجز أن يحكم لمن يقع عليه اسم زان وزانية بغير جماع بالفرج في الفرج بجلد ولا رجم.أ.هـ
قلت: وقدوردت أحاديث أخرى في التشديد على النساء في الخروج متطيبات إلى الطريق، أو خارج بيتها،أو حتى إلى المسجد
منها ما ورد بسند صحيح موقوف عند عبدالرزاق فى مصنفه باب طيب المرأة ثم تخرج من بيتها ... عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، خَرَجَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِهِ مُتَطَيِّبَةً ، فَوَجَدَ رِيحَهَا ، فَعَلاهَا بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ قَالَ : تَخْرُجْنَ مُتَطَيِّبَاتٍ ، فَيَجِدُ الرِّجَالُ رِيَحَكُنَّ ، وَإِنَّمَا قُلُوبُ الرِّجَالِ عِنْدَ أُنُوفِهِمْ ، اخْرُجْنَ تَفِلاتٍ " . "[5] .
وقد عد كثير من  أهل العلم خروج المرأة متطيبة ليجد الرجال ريحها ،ولو كان الخروج للمسجد من موجبات الغسل ، ولا تقبل لها صلاة حتى تغتسل.
واستدلوا بما رواه أبو بكر بن أبي شيبة , عن سفيان بن عيينة , عن عاصم , عَنْ مَوْلًى لأَبِي رُهْمٍ، قَالَ: لَقِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ امْرَأَةً مُتَطَيِّبَةً، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدِينَ يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ؟ قَالَتْ: الْمَسْجِدَ، قَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: ارْجِعِي فَاغْتَسِلِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ تُرِيدُ الْمَسْجِدَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلاَةً، وَلاَ كَذَا وَلاَ كَذَا، حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنَ الْجَنَابَةِ.) ". ورواه النسائي مختصراً بسند صحيح تحت باب اغتسال المرأة من الطيب .
وقال ابن دقيق العيد: وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد؛ لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال. قال: وألحق به حسن الملبس والحلي الظاهر.
وهذة المسألة(أقصد الغسل من الطيب) يهملهاكثير من الفقهاء، ولا ينبه إليها كثير من طلبة العلم[6].
وروى عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : " كان ينهى أن تطيب المرأة ، وتزين ثم تخرج قلت : والناكح ؟ قال : " والناكح " ، ثم قال ولا تبرجن قال له آخر : وتبرج ذلك ؟ قال : " نعم تخرج كذلك ، فيسأل عنها من هي ؟ " .
قلت:ويلحق بالطيب البخور .
والبَخُورا بِفَتْح الْبَاء وَتَخْفِيف الْحَاء .
فلا يجوز لهاأن تستعمل أنواع البخور الملفتة والفاتنة كما عندمسلم فى صحيحه قال،حدثنا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ» [7]
قال ابن مالك: "والأظهر أنها (أي العشاء الآخرة) خصت بالنهي، لأنها وقت الظلمة وخلو الطريق. والعطر يهيج الشهوة، فلا تأمن المرأة في ذلك الوقت من كمال الفتنة. بخلاف الصبح والمغرب، فإنهما وقتان فاضحان".أ.هـ[8]
قال الإمام بدر الدين العيني  رحمه الله : ( يجوز الخروج لما تحتاج إليه المرأة من أمورها الجائزة بشرط أن تكون بذة الهيئة ، خشنة الملبس ، تفلة الريح ، مستورة الأعضاء ، غير متبرجة بزينة و رافعة صوتها).
الحالة الثانية: أن يغلب على ظنها أنها ستمر برجال ويفتتنون بها، فيكون خروجها محرما، وليس بكبيرة، و المسألة محكومة بالقاعدة الأصولية المعروفة:( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وما يترتب عليه محرم ؛ فهو محرم )
الحالة الثالثة:  أن يكون الأمر مجرد خشية أن تمر برجال يجدون ريحها والغالب على ظنها غير ذلك، كان تخرج في سيارتها أو مع محرم إلى مجلس النساء، والغالب على ظنها عدم المرور برجال، فيكون خروجها متعطرة مكروها وليس محرما.
 وقد أشار إلى الحالات الثلاث الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في الزواجر عن اقتراف الكبائر بعد أن عنون بقوله: (الكبيرة التاسعة والسبعون بعد المائتين: [الكبيرة التاسعة والسبعون بعد المائتين خروج المرأة من بيتها متعطرة متزينة ولو بإذن الزوج]الكبيرة التاسعة والسبعون بعد المائتين: خروج المرأة من بيتها متعطرة متزينة ولو بإذن الزوج) أخرج أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل عين زانية
والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا» يعني زانية. والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية» . ورواه الحاكم وصححه.
وصح على كلام فيه لا يضر: «أن امرأة مرت بأبي هريرة - رضي الله عنه - وريحها يعصف فقال لها أين تريدين يا أمة الجبار؟ قالت إلى المسجد؛ قال وتطيبت له؟ قالت: نعم. قال: فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يقبل الله من امرأة خرجت إلى المسجد لصلاة وريحها يعصف حتى ترجع فتغتسل» . واحتج به ابن خزيمة إن صح.
وقد علمت أنه صح على إيجاب الغسل عليها ونفي قبول صلاتها إن صلت قبل أن تغتسل، وليس المراد خصوص الغسل بل إذهاب رائحتها. وابن ماجه: «بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد دخلت امرأة من مزينة ترفل في زينة لها في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أيها الناس انهوا نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في المسجد، فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة وتبخترن في المسجد» .
 تنبيه: عد هذا هو صريح هذه الأحاديث، وينبغي حمله ليوافق قواعدنا على ما إذا تحققت الفتنة، أما مع مجرد خشيتها فهو مكروه أو مع ظنها فهو حرام غير كبيرة كما هو ظاهر[9].أهـ
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تتعطر ،أو تستعمل البخور عند خروجها من بيتها ،سواء كان خروجها إلى المسجد أوإلى قضاء حوائجهن،إذا كانت سوف تمر برجال من غير محارمها..
يقول الحافظ  ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين:
في الكلام على اهتمام الشرع بسد الذرائع أنه نهى المرأة إذا خرجت إلى المسجد أن تتطيب أو تصيب بخورا وذلك لأنه ذريعة إلى ميل الرجال وتشوفهم إليها فإن رائحتها وزينتها و صورتها وإبداء محاسنها تدعو إليها، فأمرها أن تخرج تفلة وألا تتطيب وأن تقف خلف الرجال وألا تسبح في الصلاة.
فلتنظر المسلمة بعين البصيرة إلى أن التطيب إذا كان محرما على مريدة المسجد فكيف حكمه لمن تريد مجامع الرجال كالأسواق و المحلات التجارية ونحو ذلك؟أ.هـ[10].
الحالة الرابعة: أن تنتقى من الطيب ماليس فيه رائحة أو تتآكد أنها لن تمر بالرجال.  
فعلى هذا  إذا كان العطر الذي تستعمله المرأة ليس له رائحة خارجة، فهذا لا مانع للمرأة من استعماله، وذلك أخذا بالقاعدة الأصولية، وهي أن العلة تدور مع معلولها..
وعليه فما دامت علة التحريم - وهي انبعاث الرائحة المهيجة معدومة - فلا يوجد ما يمنع من استعمال المرأة لهذا النوع من العطور.
وإذا إمنت المرأة من المرور بالرجال الأجانب ،وتآكدت من ذالك فلا بأس أيضا" وإن كان الأولى تجنب الطيب النفاذ وإستبداله بما ذكرنا
قال الشيخ ابن عثيمين :لا بأس بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة بشرط أن يخرجن محتشمات غير متبرجات بزينة ولا متطيبات[11]" أهـ
وقد سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله  هل يجوز للمرأة إذا أرادت أن تذهب إلى المدرسة أو للمستشفى أو لزيارة الأقارب والجيران أن تتطيب وتخرج ؟
فأجاب بقوله:يجوز لها التطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي ، ولا تمر في الطريق على الرجال ، أما خروجها إلى الأسواق التي فيها الرجال فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء" . وأحاديث أخرى وردت في ذلك ، ولأن خروجها بالطيب في طريق الرجال ومجامع الرجال كالمساجد من أسباب الفتنة بها ، كما يجب عليها التستر والحذر من التبرج لقوله جلا وعلا [ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ]. ومن التبرج إظهار المفاتن والمحاسن كالوجه والرأس وغيرهما .أ.هـ[12]
وسئل فضيلة الشيخ عطية صقر.: هل يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها بعطر خفيف تقصد به إزالة رائحة العرق ؟.
فأجاب : ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "أيم اامرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهى زانية ، وكل عين زانية" رواه النسائى وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما ، ورواه الحاكم أيضا وقال : صحيح.
كما رواه أبو داود والترمذى بلفظ "كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس كذا وكذا" يعنى زانية، وقال الترمذى : حديث حسن صحيح.
وفى المأثور : خير عطر المرأة ما ظهر لونه وخفى ريحه.
يفهم من هذا أن وصف المرأة بأنها زانية أى تشبُّها ، يقوم على وضعها العطر بقصد أن يجد الناس ريحها ، وهذاواضح لا يشك أحد فى أنه مذموم، فالقصد به حينئذ الفتنة والإغراء ، ولا يكون كذلك إلا إذا كان العطر نفَّاذا أو قويا ، أما الخفيف الذى لا تجاوز رائحته مكانه إلا قليلا، والذى لا يقصد به الإغراء، بل إخفاء رائحة العرق مثلا فلا توصف المرأة معه بأنها كالزانية، وذلك لانتفاء المقصد ومع ذلك أرى أنه مكروه على الأقل ، فإن الرائحة حتى لو كانت خفيفة فستجد من يتأثر بها من الرجال الذين تزدحم بهم الطرق والأسواق والمواصلات فأولى للمرأة الحرة العفيفة أن تبتعد عن كلما يثيرالفتنة من قريب أو بعيد.
وإزالة رائحة العرق تمكن بالاستحمام أو غسل المواضع التى يتكاثر فيها العرق ولا يحتاج إلى وضع روائح ، فإن الخفيف منها يجر إلى الكثير القوى.
وهذا كله عند وجود رجال أجانب خارج البيت أو داخله ، أما مع المحارم أو الزوج أو النساء فلا مانع من الروائح ، وذلك لعدم فتنة المحارم بها ولإدخال السرور على قلب زوجها ، وعدم انتقاد النساء لها.أ.هـ.[13]
وهذا الكلام كله يدور حول تطيب المرأة وخروجها أمام الأجانب أم تطيبها فى بيتها ولزوجها فهذا مما ليس فيها خلاف بالأجماع
فقد ثبت كما عند عبدالرزاق قال عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سُرَاقَةَ ، عَنْ أُمِّهِ : أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى حَفْصَةَ وَهِيَ أُخْتُهَا تَسْأَلُهَا عَنِ الطِّيبِ ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا الطِّيبُ لِلْفِرَاشِ " .

س 2 ما العمل إن خرجت المرأة هكذا ؟
فأقول : الشريعة أبدا" لم تنهى المرأة أن تتطيب أوتتبخر ،أو تمنع نفسها من الزينة ، ولكن تنظر إلى المصالح والمفاسد ، فإن كانت المرأة ستتطيب ويترتب على ذلك فتنة ، فيجب على ولى الامر والمسئول عنها منعها من التطيب ، لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
و قد جاءت الآيات والأثار كثيرة تشير إلى أهمية أن يحسن الراعي الى رعيته فيزجرهم ويؤدبهم ،وينصحهم ويرشدهم الى ما فيه الخير لهم فى دينهم ودنياهم  
منها قوله  تعالى:
}ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة {(6( التحريم
قال الزمخشري : ( قوا أنفسكم ) أي بالانتهاء عما نهاكم الله تعالى عنه ، وقال مقاتل : أن يؤدب المسلم نفسه وأهله ، فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر ، وقال في "الكشاف" : ( قوا أنفسكم ) بترك المعاصي وفعل الطاعات ، ( وأهليكم ) بأن تؤاخذوهم بما تؤاخذون به أنفسكم ، وقيل : ( قوا أنفسكم ) مما تدعو إليه أنفسكم ؛ إذ الأنفس تأمرهم بالشر وقرئ : ( وأهلوكم ) عطفا على واو ( قوا ) وحسن العطف للفاصل ، و ( نارا ) نوعا من النار لا يتقد إلا بالناس والحجارة.أ.هـ[14]
وقد روى البخاري فى صحيحه فقال حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راع ومسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته قال فسمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال والرجل في مال أبيه راع ومسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
قال شيخنا العلامة ابن جبرين  رحمه الله تعالى  :
قوله: (الرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عن رعيته)، أهل بيته: ذريته ممن هو مولى عليهم، فأولاده من رعيته، ونساؤه وزوجاته من رعيته، وإخوته الذين تحت ولايته من رعيته، وكذلك من في ولايته من خدم أو نحوهم، كلهم داخلون تحت رعيته، وهو مسئول عنهم كلهم، وهؤلاء هم أسرة كل مؤمن غالبا، ومسئوليته أنه يسأل: هل أهملهم أو أدبهم؟.أ.هـ[15]
وعند البخاري أيضا ": ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة.أ.هـ
والآيات والأثار كثيرة وفيرة تدل على أنه يجب على الرجل أن يتفقد أولاده البنات،ونساؤه وزوجاته ، وأخواته التي تحت ولايته لأنهن جميعا"من رعيته، فيأمرهن بما فيه الخير لهن،وينهاهن عما فيه شر وإثم لهن، كما حث رسول الله  صلى الله عليه وسلم .
فكما أن الله أمر الولى والمسئول وإفترض عليه الصلاة ،فكذالك أمره أن يتقي بناته وزوجاته وأخواته  النار، فيجب عليه أن يستخدم ولايته على من له  عليه ولاية فيعظ ، ويأمر، وينصح، ويهجر ، ويضرب إن لزم الأمر، لتبرئ ذمته أمام خالقه، مع ملاحظة أن اجتثاث الشر من النفس مقدم على اجتثاثه بالقوة، لكن هذا أمر يجب علينا أن نبرئ ذمتنا منه بين يدي الله عز وجل.
 روى مسلم فى صحيحه فقال حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان يعني ابن بلال عن يحيى وهو ابن سعيدعن عمرة بنت عبد الرحمن: أنها سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: «لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد، كما منعت نساء بني إسرائيل»، قال: فقلت لعمرة: أنساء بني إسرائيل منعن المسجد؟ قالت: «نعم»[16].
وقد أورد مسلم هذا الحديث فى كتاب الصلا، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة
قال النووي :قولها : ( لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد ) يعني من الزينة والطيب وحسن الثياب . والله أعلم [17].
قلت :عائشة زوج النبي  صلى الله عليه وسلم تقول: «لو أن الرسول  صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء» أي لو أنه [ رأى ما أحدث النساء من الزينة والطيب ولبس الثياب الحسنة وإظهار التبرج عند الخروج، لمنعهن من إتيان المسجد..فكيف بغيره من البقاع والأماكن؟!
أنه لما حصل في نساء بني إسرائيل التبرج والتطيب وإظهار الزينة، منعن من الخروج إلى العبادة وأماكنها، لأجل منع الفتنة، وحسم مادة الشر، والشرع دائما يسد الذرائع المفضية إلى المحرمات، فكل ذريعة تؤدي إلى الحرام، وكل وسيلة توصل للحرام، جاء الشرع بسدها ومنعها،
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :(يجب على ولي الأمر منع النساء من الخروج متزينات متجملات ، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات ..وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منـزلها ، ولاسيما إذا خرجت متجملة، بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهن على الإثم والمعصية ، والله سائل ولي الأمر في ذلك ،وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال، والاختلاط بهم في الطريق.أ.هـ[18]
قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ: "قوله : "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " دليل على أن للزوج منعهن من ذلك، وأن لا خروج لهن إلا بإذنه. ولو لم يكن للرجل منع المرأة من ذلك لخوطب النساء بالخروج، ولم يخاطب الرجال بالمنع. اهـ.
وجاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: وله منعها من الخروج. اهـ[19].
وقال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: ( ويحرم خروجها ) أي الزوجة: ( بلا إذنه ) أي: الزوج ( أو ) بلا ضرورة كإتيان بنحو مأكل; لعدم من يأتيها به. اهـ.
فالخلاصة أنه يجب على ولى الأمر منع من تحت ولايته سواء كانت زوجة أو إبنة أو أخت ،أو خادمة أو غير ذالك إن لم تمتثلن أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . والله أعلم
هذا وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا.
وكتب /أبو عبدالرحمن حاتم بن محمد بن عبدالعزيز بن على شلبي الفلازوني بالسنانية دمياط عشية يوم عيدالفطر المبارك 1 من شوال لعام 1437 من الهجرة .
***


[1] أخرجه :أحمد ( 32/ 349 ، 483 ، 523) برقم ( 19578 ، 19711 ، 19747 ) ، وأبوداود ( 4173) ، والترمذي (2786) ، والنسائي في " الصغرى " (8/ 153) ، وفي " الكبرى " ( 5/ 431) رقم (9424) ، وابن خزيمة (1681) ، وابن حبان في " صحيحة " (10/ 270) رقم ( 4424) ، والطحاوي في " مشكل الآثار " برقم ( 2716 ، 4553) ، والدارمي ( 3/ 1730 رقم 2688) ، والحاكم (2/ 396) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (5/ 305 رقم 26328) ، والبيهقي في " السنن " (3/ 246 ) ، و " الشعب " ( 6/ 171 ) رقم (7815 ) ، و " الآداب " ( 758 ) ، والخطيب البغدادي في " " موضح أوهام الجمع والتفريق " ( 2/ 355 ) ، والمزي في " تهذيب الكمال " ( 23 / 134 ) من طرق عن ثابت بن عُمارة الحنفي ، عن غُنيم بن قَيس ، عن أبي موسى الأشعريِّ ،،قال عنه  الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح " .وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد " (6/390) : " رجاله ثقات000 " . وقال ابن القطان في "أحكام النظر" (ص 67) : " رواة إسناده مشهورون " . وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي".
[2] انظر كتاب "تحفة الأحوذي" (8 / 58)
[3] انظر كتاب " فيض القدير بشرح الجامع الصغير " (3 / 190)
[4] المرجع السابق (5/35)
[5] رواه عبدالرزاق فى مصنفه برقم 7890(371/4)،جامع الأحاديث للشيوطي برقم ( 28652 )، [كنز العمال 46010]
[6] كما قال بعض شيوخنا حفظهم الله
[7] أخرجه مسلم فى كتاب الصلاة برقم (444)،و النسائي - الزينة برقم (5128)،وأبي داود برقم  (4175)،وأحمد فى مسنده - باقي مسند المكثرين (2/304) برقم [304]
[8] انظرنقل الشيخ على القاري في المرقاة (٢ | ٧١(.
[9] الزواجر عن اقتراف الكبائر م2 ص72
[10] أعلام الموقعين
[11] "مجموع الفتاوى" (14/211)
[12]نقلاً عن كتاب الرسائل والفتاوى النسائية لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز ص 54
[13] كانت فى مايو 1997 .
[14]     التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب568/4
[15] شرح الحديث من ضمن شرحه على صحيح البخاري
[16] صحيح مسلم رواه مسلم (1/32) برقم 454.» كتاب الصلا» باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة
[17] شرح النووي على صحيح مسلم
[18] الطرق الحكمية ص 280 .
[19]انظر كتاب  المنتقى شرح الموطأ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق